في صحة أسرتك

يقولون أن الصحة هي أغلى ما للإنسان، ويقولون أيضا أن الأسرة هي أغلى ما في الإنسانية نفسها، قد تحتاج لمئات الكتب لتتحدث عن هذا وذاك كلا على حده، ولكنك قد تروق لك فكرة أن لكلاهما نفس المبادىء والمنطق.

أخبرني عن أبسط قواعد الصحة والمرض مثلا !.. على الفور سيتبادر لذهنك (جهاز المناعة)، هذا الذي يحدد قدرتك على الصمود أمام مرض ما، فإن كنت تملك جهاز مناعي قوي.. ستصمد أكثر، وإن كان ضعيفا ستسقط أمام أول فيروس مبتديء !.. تماما هو الحال مع الأسرة، ولكن هل للأسرة أيضا جهاز مناعي ؟، الأجابة نعم.. فجهازها المناعي هو الذي يحميها من أمراض المجتمع وآفاته، وتماما مثل الجهاز المناعي كلما ضعف.. كلما كانت إصابتها بتلك الأمراض أكثر سهولة.. والعكس، ولكن قد تتسآل ما هو هذا الجهاز المناعي للأسرة ؟، هو ببساطة تمساكها ومدى قرب أعضائها ببعضهم البعض، وهو قدرتها على الصمود أمام تغيرات المجتمع وتحولاته، وأن تعرف كيف تدافع عن قيّمها وعن مبادئها.

ولن ننسى ما يلازم الصحة أيضا.. الرياضة، فهي غذاء الصحة بلا منازع، لن أحدثك عن تلك العلاقة الطردية بين الصحة والرياضة، فكلما كنت تمارس رياضة أكثر.. كلما حصلت على صحة أفضل، وتعود لتسأل وما علاقة ذلك بالأسرة !.. وهو أن الأسرة نفسها تحتاج لجسد أسري قوي، عن تلك المرونة التى تحصل عليها فلا تنكسر، بل وتتحمل الصدمات وتعود كما كانت.. بل أقوى، وعن تلك المشكلات التي قد تعصف بها، ولكنها قادرة على سرعة التعافي حتى وإن مرضت وضعفت للحظة.

وعدو الصحة هو التدخين، قد تظن أنني أقصد أن الأسرة الغير مدخنة هي الأكثر صحة !، لا ليس هذا.. بل ما أقصده هو أن الأسرة الخالية من الأدخنة، التى قد تحجب رؤية أفرادها لبعضهم البعض، عن ذلك التجاهل والبرود الذي قد يصيب الأسرة، حتى لو إجتمعت في حجرة واحدة !.. لا تتحدث.. لا تتناقش، طبقات سميكة من الأدخنة حجبت رؤية كل شىء، ينقصها أن تبدل تلك الأدخنة بهواء نقي، يدخل في رئتها وينعشها.. يزيل ذلك الضباب.. يعيد لها ذلك الصفاء في تفاعلها الإنساني.

ولست في حاجة لأخبرك، عن ضرر المسكنات والمخدرات على الصحة بطبيعة الحال، والمسكنات هنا هي تلك الحلول السهلة والمؤقتة، التى قد تحل بها الأسرة مشكلاتها، حل سطحي للمشكلات وليس لجذورها، فالمسكنات تعالج العرض.. وليس المرض نفسه !، أما عن المخدرات التي تذهب بالعقل من أجل النسيان، فهي تماما كالأسرة التي تحاول أن تنسى مشكلاتها.. بل وتتجاهلها، معتقدة أنها قد تُحل من تلقاء نفسها.. أو ربما هربا منها، فتظل تتراكم وتتعقد لتصبح أكثر صعوبة في حلها.

إذا فالأسرة الصحية هي.. الأكثر تماسكا بين أعضائها، لا تفقد قيّمها وتقاليدها بتلك السهولة، تتحمل الصدمات التي قد تصيبها كفقد أحد افرادها مثلا، لتعود وتنهض من عثرتها سريعا، هي الأسرة التي يسودها الدفء ولغة الحوار الهادىء.. وتلك الحميمية بعيدا عن الجفاء والتجاهل، هي التي تعرف كيف تحل مشكلاتها بحلول جريئة.. ولا تخشى الإقتراب منها، هي القادرة على الإعتراف بمشكلاتها وليس التغاضي عنها بالتجاهل، بالتأكيد هناك المزيد عن الأسرة وكيفية نجاحها، ولكن هذا فقط كان بعضا من الكلام.. في صحة أسرتك.

أكرم إمام