ترجمة: لميس سعيدي

جان الموهوب عمروش
في الذّكرى الواحدة والستّين لاستشهاد بطل الثّورة الجزائرية العربي بن مهيدي (في الرابع مارس سنة 1957)، تداول الكثير من الجزائريين عبر مواقع التّواصل الاجتماعي قصيدة "مسودّة أنشودة حرب"، التي كتبها الشّاعر الجزائري جان الموهوب عمروش (1906-1962) في شهر جوان سنة 1958، تخليدًا لذكرى بن مهيدي، ونقدّم ترجمتها إلى اللغة العربية.
"آه! لأجل كلمة من لغتي.
فقط لأجل سموّ كلمة
من صخر الشيست أو الصلصال
(تحملها الرّيح كعصفور الأحلام)
لأجل هذا السّهم المريَّش بالبرْق
لأجل وميض الحريّة
لأجل هذه الكلمة اليتيمة
التي قُطفتْ من شفاه الأجداد اليابسة
قطرة دم على زهرة الطّفولة
تلمع في عجلة الشّمس
لأجل هذه الكلمة من موسيقى لاذعة
ونغمة صوت متوحِّشة
صرخة يتيمة لأحشاء سحيقة
لأجل هذه الكلمة المظلمة والثّابتة
كنظرة أرملة تهدهد طفلها
المقتولَ
لأجل هذه الكلمة من رقّة بيضوية الشّكل
مكوّنة من منفى يكسر المنفى
لأجل هذه القطرة من حليب أزرق
لأجل الظّلّ على عين بلا جفن
وماء زمزم على الشّفاه الميّتة
لحاج في الصّحراء
لأجل هذه الكلمة الدائريّة، لأجل الصفر
ختْم الصّمت النقيّ
ختْم مُقدَّس متوارث من عُمْر إلى عُمْر
من حِداد إلى حِداد
من قبر إلى عشب
لأجل كلمة في البحر
لأجل الأفق، هذه الوردة من ملح
لأجل ابتسامة الماضي
لأجل الجذير الذي ينبت أسفل الشّجرة اليابسة
لأجل جمرة تحت الرّماد
لأجل طفل المستقبل هذا
لأجل سفينة العودة
لأجل استراحة ليلة واحدة
والتوقّف ليوم واحد
لأجل هذه اليد على الحمّى
ولأجل الظّلّ تحت أوراق النّخيل
لأجل هذه التحيّة التي لا لَبْس فيها
وهذه الإشارة من ذهب خالص
لأجل معموديّة لحظة واحدة
وهذه الخطوبة الأخويّة
لأجل وجود كلمة ذات سيادة
في زمن الموتى
لأجل هذا اللاشيء المتشرِّد
لأجل إكسير هذا الغياب
حيث لا يختلط مع العدم الصّافي
لا عظام ولا رَماد، لا لحم ولا دم
لا ضباب الفجر أو نباتات هادئة تنبت تحت الأشجار
لا سراب الصّحراء
ولا غناء النّاي أو كلمة الريح
لا سرب من الأحلام ولا من النّحل
لأجل الثّلج الذي بالكاد نلمحه
بين صفعتين من الليل
لأجل هذا النداء الذي لا نعرف من أين يأتي
لأجل هذه التنهيدة العميقة من القلب
لأجل زهرة من الظلمات
في أعماق الرّوح
لأجل الشّباب الذي نلوّح به مهدّدين
لأجل الربيع الذي لا يُقاوَم
لأجل الخروف الأبيض
لأجل الخروف الأسود
لأجل الزاوية الصّافية لهذه النظرة
والعُنُق التي وعدنا بها السكّين
لأجل يوم واحد
في المساء الأخير
مجد وسموّ
آمين أمان
أيتها المعرفة
فجر من دمّ، فجر من أزرق سماويّ
في اليوم الحُرّ
كلمة من ماء حيّ
وفي اليد
قلب العالم...".
Posted from my blog with SteemPress : https://www.nafhamag.com/2018/03/05/%d8%ac%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%88%d9%87%d9%88%d8%a8-%d8%b9%d9%85%d8%b1%d9%88%d8%b4-%d9%85%d8%b3%d9%88%d8%af%d9%91%d8%a9-%d8%a3%d9%86%d8%b4%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%ad%d8%b1%d8%a8/