أهمية الفواعل التنظيمية في البيئات الاقتصادية المغلقة
أهلا بالجميع،
لقد اشتهرت مقولة "دعه يعمل، دعه يمر" لدى الرأسماليين كونها تعبر على التفكير الجوهري التي تهدف إليه الرأسمالية والتي تطوي على أسس التنافس المحض بين فواعل البيئة الاقتصادية بدون أن تكون هناك أية تدخلات من الدولة أو هيئة تنظمي تهدف إلى تعديل السلوك الاقتصادي أو توجيهه إلى مسالك معينة. ولكن حقيقة الأمر أن رغم كل هذه الأفكار الجميلة والتي ينظر إليها البعض على أنها مثالية تهدف إلى خلق جو إقتصادي تنافسي، إلا أنه في نهاية المطاف، تبين أن الاقتصاد أو البيئة الاقتصادية لا يمكنها أن تستمر بدون أية لوائح تنظيمية.
من بين أقدم هذه اللوائح التنظيمية التي تم إدراجها في البيئات الإقتصادية الرأسمالية هي مجموعة من القوانين التي تهدف إلى تقنين عمليات المحاصصة السوقية للتعامل مع التزايد المستمر في عمليات الإحتكار العمدية للأسواق وعمليات الإنتاج. تبعت هذه عمليات التقنين العديد من العمليات الأخرى التي أصبحت في أواخر القرن العشرين تقليدا متعارفا عليه رغم أن الرأسمالية كانت تعيب على أنظمة أخرى مثل النظام الاشتراكي على أنه الدولة لا يجب عليها أن تتدخل في الشؤون الاقتصادية الخاصة بها. لكنه يمكننا رؤية أنه في العديد من الحالات مثلا كان للدولة دورا مهم جدا في الأزمات الاقتصادية إذ أن تدخلها أصبح ضروريا من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي. كذلك يمكننا رؤية عكس ذلك في الأنظمة الاشتراكية أي أصبحت أكثر انفتاحا على الملكية الفردية.
فالأنظمة الاقتصاد المعاصرة أصبحت أنظمة هجينة، هذا الأمر فرض نفسه كون الطبيعة البشرية نفسها والتي تهدف إلى التملك المطلق لا يمكنها أن تكون فعالة أو ذو فائدة إيجابية في الأنظمة الاقتصادية المغلقة. وقد تبين لنا من العديد من النماذج الإقتصادية المعاصرة التي حاولت اللعبة على جهة واحد فقط من المقاربات الاقتصادية أن فشلت فشلا ذريعا أو أنا إلى حد الآن لا تزال تواجه تحديات إقتصادية كبيرة، إما بسبب ضعف القدرة التنافسية ضد البيئات الاقتصادية الأخرى أو الاستقرار البيئي الداخلي.
من هنا نذهب إلى سلسلة الكتل ستيم (Steem Blockchain)، لكن تكلما من قبل على مقومات البيئة الاقتصادية وحاولنا فيه طرح إشكالية الضبط الإقتصادي ومعضلة غياب السلطة التنظيمية. لقد كانت هناك العديد من المحاولات التي كانت تهدف إلى تجنب أي إحتكار للقيمة وعمليات توليد القيمة على المنصة، إلا أنه كما ذكرنا في الفوق، يجب أن نأخذ في الإعتبار الطبيعة الإنسانية في هذه المعادلة لنفهم جيدا سبب فشل توزيع القيمة بما يتناسب والمصلحة الاقتصادية للسلسلة.
لقد تم إدخال خاصة التصويت السالب على سلسلة ستيم على أساس فرضيتين أساسيتين. الفرضية الأولى هي أن مستخدمي سلسلة الكتل وطبيعة برمجة السلسلة سيشاركون في عمليات التصويت السالبة أو تعديل الجزائر التي يتم توزيعها على الشبكة إذا كانت هذه الجزائر موزعة بطريقة مبالع فيها أو كانت غير مبررة. الفرضية الثانية لها علاقة وطيدة بالمستثمرين الكبارة التي لديهم استثمارات معتبرة على الشبكة. الذي كان منتظر أو أي مستثمر كبير ستكون لديه مصالح أكبر في السهر على أن الجوائز لا يتم توزيعها بطريقة عشوائية أو غير عادلة كون التوزيع الغير العادل سيكون له تأثير سالب على القيمة السوقية لعملة ستيم. الأمر الذي سيدفع بالمستثمرين إلى الكبار إلى السهر أكثر والخوض في مليات التصويت السالب بطريقة أكثر انتظاما من المستخدمين الصغار.
ولكن هل كان الأمر فعالا؟ لقد تبين للأسف شديد فشل هذه المقاربات في العديد من المناسبات، ليس بسبب الطبيعة التقنية للآلية التنظيمية. ولكن بسبب أن آلية التنظيم لم تعطي أهمية كافية للطبيعة البشرية. فرغم أن عمليات التصويت السالب كانت لها دور إلى حد ما في محاربة أو تنظيم العديد من عمليات استخراج القيمة التي كان ينظر إليها على أنها غير عادلة، إلا أن الآلية أستخدمت أيضا لأغراض أخرى لها طابع إنتقامية. في نهاية المطاف، خاصة حاليا، أصبح المستثمرين الكبار أنفسهم يعملون على استخراج القيمة من السلسلة عوض الحفاظ عليها عبر التصويت السالب، الأمر الذي ينذر بانعكاسات سلبية مستقبلية كبيرة.
شكرا على مروركم،